Skip to main content

© DevStack. All rights reserved.

عرض العناصر حسب علامة : آلأدب الفرنسي

على عكس فيكتور هيغو، فإن هذا المسكين التعيس شارل بودلير لم يحظ بأي شهرة ولا أمجاد ولا فلوس في حياته. لقد مات فقيراً مدقعاً بل ومجهولاً تقريباً ولم تنفجر شهرته كالقنبلة الموقوتة إلا بعد موته. وهكذا تنطبق عليه كلمة نيتشه الشهيرة: «هناك أشخاص يولدون بعد موتهم»! ومعلوم أنه قالها وهو يفكر في حالته الشخصية. وذلك لأنه هو الآخر لم تنطلق شهرته الأسطورية إلا بعد موته تماماً كبودلير، الذي ولد ومات في القرن التاسع عشر: أي في القرن العظيم الذي شهد ظهور كبار شعراء فرنسا من أمثال فيكتور هيغو ولامارتين ورامبو ولوتريامون ومالارميه، إلخ. وهو القرن الذي تبلورت فيه الحداثة الشعرية على يد بودلير بالذات، ثم رامبو من بعده وبقية الآخرين. ويمكن القول بأن هذا الشاعر الفرنسي المنحوس كان معجباً بشاعر منحوس آخر لا يقل عنه عظمة وسوداوية وجنوناً: عنيت إدغار آلان بو! ومعلوم أن بودلير أمضى قسماً كبيراً من حياته في ترجمته من الإنجليزية إلى الفرنسية. وكان يفتخر بذلك كل الافتخار. لأول مرة يلتقي بودلير بشخص يشبهه، شخص ملعون ومنبوذ مثله. لقد كان بودلير، مثل إدغار آلان بو، ينتمي إلى فئة الشعراء المنحوسين، أو المفجوعين، أو المجروحين من الداخل جرحاً غائراً لا علاج له ولا شفاء منه. بدءاً من تلك اللحظة يصبح الأدب ممكناً.

نشر في ألأخبار